عارضة أزياء بريطانية ضحية جريمة غامضة

المحرر- متابعة

قبل أيّام أعلنت الشرطة الإيطالية كشفها لحادث مؤسف تعرّضت خلاله عارضة أزياء بريطانية تبلغ من العمر 20 سنة. بدأ بخدعة جلسة تصوير وهمية، وصولاً إلى تخديرها واختطافها داخل حقيبة، وحتّى عرضها بمزاد للعبودية الجنسية من قِبل مجموعة إجرامية في إيطاليا تُعرف باسم “الموت الأسود”.

بدأ الحادث مثيراً للدهشة لا سيّما تفاخر المجموعة الإجرامية الغامضة التي تستخدم الإنترنت لإدارة عملها بـ”سخائها العظيم” عندما قررت إطلاق سراحها لأنها “أم”. بعدما احتجزت الشرطة الإيطالية المتهم المُشتبه في ضلوعه باختطاف العارضة البريطانية، 17 يوليوز، اتضّح المزيد من كواليس الحادث؛ حيث أعلنت الشرطة كيف تم تخدير العارضة وتقييد يديها وشحنها في سيارة بمدينة ميلان، واقتيادها لمسافة 120 ميلاً إلى مزرعة بمدينة تورينو، حيث تم الإبقاء عليها هناك لمدّة ستة أيام.

وأعادتها المنظمة الإجرامية المعروفة باسم الموت الأسود، إلى ميلان، وحذّرتها في خطاب من أنه سيتم قتلها إذا اتجهت إلى الشرطة أو تحدّثت عنهم بشكل سلبي.

وتقول الشرطة إن عارضة الأزياء البريطانية، استُدرِجت إلى متجر مهجور بالقرب من محطّة ميلانو المركزية، بِناءً على وعدٍ بالتقاط صورٍ فوتوغرافية لها، فقط ليتم تخديرها بمادة الكيتامين وتكبيلها ووضعها في حقيبة.

وفي لقاء صحفي للشرطة في ميلان، ذُكِر أن مُحتجزها يُدعى لوكاش هيربا، وهو بولندي المولد ويبلغ من العمر 30 سنة و اتُهِم بمحاولة بيعها على الإنترنت نظير 300.000 يورو .

وعندما اعتقلته الشرطة وجدت في حوزته كتيّباً عن مجموعة “الموت الأسود” التي تعرض خدمات جنسية تقدّمها النساء اللاتي تُعرضن للبيع في مزاد علني على الشبكة الإلكترونية الخفيّة Dark Web.

يُعرف القليل عن مجموعة الموت الأسود الإجرامية Black Death، التي يقال إنها تدير أعمالها عبر شبكة الإنترنت الخفيّة.

تأسست المجموعة في وقت مبكر من تاريخ شبكة الإنترنت، عام 1994، وهي متورّطة بجرائم مختلفة، وعندما ألقت الشرطة القبض على هيربا وجدوا بحوزته كتيّباً عن المجموعة التي تعمل بمجالات تشمل المتفجّرات، وتجارة المخدرات، والإتجار في البشر، والأسلحة.

و عُثِر على رسالة موجهة للضحية تقول إنهم أطلقوا سراحها بـ”سخاء عظيم”، حيث عزم أحد أعضائها على إطلاق سراحها بسبب وضعها كأم صغيرة السن، وقالوا إن اختطافها يعد “خطأً”.

وعثرت الشرطة على نشرة تعلن عن خدمات مجموعة “الموت الأسود” إلى جانب رسالة موجّهة إلى الضحية، تشرح أسباب إطلاق سراحها وتحذّر بعدم إخبار السلطات بشأن الاختطاف، وألا “تتحدّث عنهم بلغة سيئة، ودون احترام” وأضافت الرسالة إن عارضة الأزياء قد “عوملت بعدل واحترام” وتتوقع المجموعة المعاملة بالمثل.

كان هناك جدلٌ ممتد حول ما إذا كانت مجموعة “الموت الأسود” حقيقية أم أنها عملية احتيال عبر الإنترنت.

وقال الكاتب جوزيف كوكس الذي يعمل لموقع Motherboard إنه حاول التحقيق في معاملاتهم عام 2015، وحاول دخول مزاد عُرِضت فيه سيدة للبيع.

وبعد تبادل العديد من رسائل البريد الإلكتروني، كتبت المجموعة له: “نحن لا ندعو الغرباء إلى المزادات، نحن لا نريد شعبية. لا يوروبول. لا أشخاص يطالعون ما حولهم فحسب. لا صحفيين أو مدونين.

فقط العمل الجاد”.وأظهرت صورة يُفترض أنها رُفِعت على موقع المجموعة سيدة مُقيّدة عارية الصدر، وقد أُرفِقت صورتها بقياساتها وجنسيتها في إعلان واضح، على الرغم من الاعتقاد بأن الصورة قد أُخذت من مُحتوى إباحي لا صلة له بالواقعة.

وقالت الشرطة الإيطالية إن الجاني طلب 50.000 يورو ليطلق سراحها، وهدد بقتلها إذا أخبرت الضباط عمّا جرى لها. وقالت السلطات إن الخاطفين حرروها لأن لديها طفلاً يبلغ من العمر عامين، ولأن قواعدهم “تستبعد اختطاف الأمّهات”.

وفي خِطاب أُرسِلَ إلى الضحية عند إطلاق سراحها، قالت مجموعة الموت الأسود إن خطأً قد ارتُكِب باحتجازها. وأضافوا أنها قد أُطلق سراحها بعدما اتخذ أحد رجالهم قراراً واضحاً بشأن قضيتها.

و ألقت الشرطة القبض على هيربا الذي يُعتقد إنه يعيش غرب ميدلاندز، بالقرب من القنصلية البريطانية، في 17 يوليو وأوردت الشرطة أنه اعترف بالجريمة.

وتبحث الشرطة عن شركاء الجريمة، حيث أخبرتهم الضحية أنها تعرّضت للهجوم من قِبل شخصين.

وقال المحققون في إيطاليا إن هيربا على صلة بمنظمة الموت الأسود الإجرامية، التي تعمل بما يُعرف باسم شبكة الإنترنت العميقة أو المظلمة Dark Web – وهي شبكة إنترنت تفوق في حجمها الإنترنت المفتوح، ولا تظهر محتوياتها باستخدام محرّكات البحث التقليدية، وعادة ما تشمل مُحتويات غير قانونية.

وأوردوا كذلك أن هيربا لديه تعاملات في “المواد الكيماوية والسموم”، بِناءً على جلسة استماع أمام قبل المحاكمة، أمام القاضية آنا ماجلي في ميلانو الجمعة الماضية .

واستمعت المحكمة إلى السيدة التي وصلت ميلانو يوم 11 يوليو، وتم ضبطها بالقرب من المحطّة المركزية، وكانت مُخدّرة بالكيتامين. وصفت جهات التحقيق عملية الاختطاف بأنها “مُنظمّة على نحو جيد”، وأضافوا أنه تم الاتصال بالخاطف عبر الإنترنت بعد ذلك بيومين لـ”شراء” الضحية لأغراض جنسية.

وتقول الشرطة إنه لايزال من غير الواضح ما إذا كان الخاطفون يديرون عملية احتيال عبر الإنترنت لنيل أموال “المُشترين” أم أنهم بالفعل كانوا عازمين على بيعها. وأوردت صحيفة La ” لا ستامبا” أن هيربا قد تواصل مع عميلٍ وطلب مبلغ 270.000 يورو لتحريرها، ثم تواصل العميل لاحقاً مع الشرطة، وتفاوض هيربا بشأن قيمة الفدية التي بلغت 50.000 جنيه إسترليني، توقّع أن يحصل عليها في القنصلية.

وأخضعت الشرطة هاتف هربا وحاسوبه للتفتيش، وقالت إنها وجدت صوراً للسيدة، وموادَ تفيد بأنها معروضة للبيع، كما عُثِر على شعر من كلٍ من هربا وعارضة الأزياء في سيارته.

ومن المفهوم أن تحقيقات الشرطة شملت إعادة بناء مسرح الجريمة الذي شهد الاختطاف، فضلاً عن دراسة مقاطع التقطتها كاميرات المراقبة بالمنطقة.

وتتبعت الشرطة أيضاً هاتفه المحمول، كما تعقِبت سائق سيارة أجرة قام بتوصيله وتمكّن من انتظاره بالقنصلية، بحسب ديلي ميل.

وأوردت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن المحققين قالوا إن المُتّهم قد أدار مزادات مشابهة على الإنترنت عرض خلالها شابات مختطفات للبيع، ولم يتضح ما إذا كان بالفعل اختطف أولئك الضحايا.

وبحسب نيويورك تايمز، لا يُعتقد أنه قد تم دفع الفدية لإطلاق سراحها. قال جيران للمتّهم إنه يعيش بمفرده في مبنى صغير للشقق السكنية قبالة شارع سكني في منطقة أولدبي، بمدينة برمنغهام.

وأفادوا أن الشرطة قامت بتفتيش العقار قبل أسبوعين، ولكن لوكاش نفسه لم يكن متواجداً هناك لمدة ثلاثة أسابيع. وبحسب الجيران؛ عادة ما يتردد هيربا على المنطقة، مُسرعاً إلى واجهة المبنى بسيارة من طراز تويوتا، مرتدياً بذلة.

وقال أحد الجيران، لم يرغب في ذكر اسمه، إن الشرطة حضرت إلى هناك قبل أسبوعين وكسرت الباب” وأضاف “كان ذلك في الساعة 2:30 صباحاً، وكان الصوت مرتفعاً حقّاً، ولم يكن لدي أي فكرة عما يحدث، فهرعت من السرير لأراهم يحطمون ما بطريقهم إلى الشقّة”.

وتابع “لم أعتد أبداً الحديث إليه، وكان عادة بالخارج، وما أعرفه هو أنه كان يعيش بمفرده، ولم أرَ أحداً آخر يذهب إلى الشقّة، ولم يكن لدي فكرة أنه سافر إلى ميلان، وصدمتُ تماماً بسماع أنه قد تم القبض عليه”.

وقال جار آخر “آخر مرّة رأيته فيها كانت قبل ثلاثة أسابيع”. وأضاف أنه “كان معتاداً على قيادة سيارة حمراء اللون من طراز تويوتا، ويُسرع دائماً إلى الباب الأمامي قبل أن يخرج مجدداً بعد ذلك بنصف ساعة، ولم يكن أبداً يتواجد بالشقة لفترة طويلة”.

وتابع قائلاً “لقد كان دائماً يرتدي بذلات، ولكنّه لم يسبق له قول أي شيء، ولم يعطِ أبداً انطباعاً بالمودّة”.

وقالت متحدّثة باسم وزارة الخارجية البريطانية “نحن نقدم الدعم القنصلي للسيدة البريطانية في إيطاليا، ونحن على اتصال مع السلطات المحلية”.

زر الذهاب إلى الأعلى