“مرتزقة” من دارفور وتشاد يقاتلون إلى جانب المشير خليفة حفتر

المحرر- متابعة

وفق تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة، فإن الأجانب هم من يغذُّون الفوضى في ليبيا، حيث تبيَّن أن الفصائل المتناحرة في ليبيا توظِّف مقاتلين أجانب قادمين أساساً من دارفور وتشاد. 

تعد مسألة تورط المقاتلين الأجانب في الحرب الدائرة في ليبيا قصةً قديمة، فخلال انتفاضة2011،  ضد معمر القذافي ملك إفريقيا والمضيف التقليدي لأي تمرد يقع في القارة، تم توظيف عدد من الأجانب داخل الجماعات المكلَّفة بإخماد نيران التمرد. ويستمر نفس السيناريو، فهناك جماعات تعود أصولها إلى دارفور وتشاد، متورطة في الحرب الأهلية القائمة في ليبيا.

ولعل هذا ما كشف عنه تقرير أعدته مجموعةٌ من الخبراء في الأمم المتحدة عن الوضع في ليبيا، و نُشر الجمعة الماضية.

وحسب التقرير، يعمل هؤلاء المرتزقة لصالح معسكرين في ليبيا. فمن جهة، يساند شقٌّ منهم معسكر المشير خليفة حفتر، قائد ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي، والرجل القوي القادم من برقة في شرقي ليبيا، الذي أحرز تقدماً في الأشهر الأخيرة في منطقة جنوب فزان.

ومن جهة أخرى، هناك جماعة مسلحة تعود بالولاء للقوة المسلحة في مصراتة، المرتبطة بشكل مباشر بحكومة الوحدة الوطنية، التابعة لفايز السراج، المدعوم من قبل الأمم المتحدة والعواصم الغربية.

من خلال هذا البحث الذي أُجري حول المقاتلين الأجانب في ليبيا، تبيَّن أن المشير خليفة حفتر قد استفاد من ماضي نظام القدافي وعلاقاته القديمة بجماعات دارفور.

وتجدر الإشارة إلى أن وجود مقربين سابقين لمعمر القذافي إلى جانب حفتر سهَّل عملية إعادة تفعيل الروابط مع تلك المجموعات منذ سنة 2014.كما استفاد خليفة حفتر من مساعدة جيش تحرير السودان بقيادة مني مناوي، التي تعتبر من إحدى الفصائل المحاربة في دارفور، والتي وظَّفها حفتر في بادئ الأمر في فزان إلى جانب ميليشيات التبو، قبل أن تتجه تدريجياً نحو الشمال الشرقي من أجل دعم حفتر في طريقه للسيطرة على بعض مواقع الهلال النفطي.

ودرجة التعامل بين حفتر وهذه الجماعات بلغت حداً كبيراً وصل به إلى استقبال قيادات من جيش تحرير السودان، في أكتوبر الماضي، في المرج، المقر الرئيسي لحفتر. 

ولكن خبراء الأمم المتحدة أشاروا في تقريرهم إلى وجود بعض الإشكاليات العالقة بين الطرفين تحوم حول المكافآت. وقد أدى ذلك إلى توتُّر العلاقات بين بعض كوادر الميليشيات وقياداتها، حتى إنها أصبحت تبحث عن سبل للعودة إلى السودان.

وبناء على هذا التقرير، قدَّم فصيل سوداني آخر دعمه للمشير خليفة حفتر، ويُدعى حركة تحرير السودان، التي يوجد من بينها 1500 مقاتل في ليبيا. 

أما عن حركة العدل والمساواة، فهي مجموعة إسلامية تنشط في دارفور، وكانت فيما مضى مدعومة من قبل تشاد عندما كانت الأخيرة على خلاف مع الخرطوم.

وقد استنجدت بهذه الجماعة كل من الجماعات الإسلامية في ليبيا والجيش الليبي التابع لخليفة حفتر، لتقف في صفه وتدعم جبهته و لعبت العلاقات القديمة لنظام القذافي دوراً حاسماً في هذا الخلاف. 

أما فيما يخص قوات مصراتة، الطرف الآخر البارز في الصراع في ليبيا، فإن لها علاقات وطيدة بالمجموعات المتمردة التشادية.

ومن بين هذه الجماعات جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد، التي تأسست، في أبريل 2016، بفضل الانشقاقات التي أصابت اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية، وهي إحدى الجماعات التي غادرت السودان، في  فبراير عام 2008، لتتمركز أمام أبواب نجامينا عاصمة تشاد. 

وفي الوقت الراهن، تنشط جبهة الوفاق من أجل تغيير تشاد، القوة المعارضة للرئيس التشادي إدريس ديبي، في فزان الليبية.

وقد استقبلتها القوة الثالثة، من ميليشيات مصراتة المنتشرة في الجنوب الليبي، في سبها، المدينة الرئيسية في إقليم فزان.

ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة، يبدو أثر جبهة الوفاق واضحاً جداً على قوات مصراتة، التي اتخذت إجراءات حازمة مثل محاربة تنظيم الدولة في سرت، والجيش الوطني الليبي في الجفرا، الواقعة شمال إقليم فزان. 

وفق التقرير الصادر عن الأمم المتحدة، فإن جبهة الوفاق قد دعمت، في مارس الماضي ، سرايا الدفاع عن بنغازي، وهي مجموعة معارضة لحفتر، ومقربة من مصراتة، خلال محاولة عابرة للسيطرة على الهلال النفطي. 

ويُقدَّر عدد المقاتلين من المجموعة التشادية بين 700 و1500 مقاتل. كما أن قرار نجامينا الذي يقضي بإغلاق حدودها مع ليبيا، في يناير 2017، جاء نتيجة تورُّط هذه المجموعة في المستنقع الليبي. 

ومنذ وقوع القصف الجوي، الذي استهدف به خليفة حفتر، في ديسمبر الماضي، في موقع هذه المجموعة في الجفرا، زادت مخاوف حكومة تشاد، التي تخشى من محاولات اختراق المتمردين لحدودها، بحسب صحيفة .

ومن وجهة نظر الخبراء، فإن تدخل الميليشيات الأجنبية في المشهد الليبي، التي تصاحبها شبكات إجرامية مختصة في التهريب والاتجار بالبشر، سيزيد من تأزُّم الوضع في البلاد. 

ويضاف إلى هذه الأزمة، تورُّط بعض دول المنطقة في توفير العتاد العسكري للميليشيات المحاربة في ليبيا.

وفي ذلك خرق صارخ لحظر التسلح، الذي صوَّت عليه مجلسُ الأمن في الأمم المتحدة.في هذا السياق، أكد الخبراء، الذين أشرفوا على إعداد هذا التقرير، ما نُشر في تقرير سابق، في مارس من العام  الماضي، الذي ركَّز أساساً على عملية تسلُّم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لعتادٍ حربي، مُرسَل من الإمارات، عبر طائرات هليكوبتر مقاتلة أم أي24 بي.

زر الذهاب إلى الأعلى