لماذا فشلت حركة 20 فبراير؟

عبد الرحيم زياد

مع مطلع الأسبوع الجاري، احتفت “حركة 20 فبراير” بالذكرى السادسة لميلادها، وقيادتها للإحتجاج الشعبي في المغرب، ورغم أن الفضل يرجع إليها في إعطاء حيوية وفعالية للحقل السياسي المغربي منذ سنة 2011. الا أن الحركة يبدو أنها وصلت الى مرحلة الأفول.

لا يختلف إثنان في كون التجاوب المبكر مع الحراك الشعبي الذي أبداه النظام المغربي، مع مطالب الحركة، ساهم بشكل كبير في سحب البساط من تحت أرجلها. كما أن تظافر مجموعة من العوامل الذاتية، ساهمت في إفراغ الحراك الشعبي من محتواه، منها ما يرتبط بطبيعة حركة 20 فبراير في حد ذاتها، ومنها ما يرتبط بخصوصية النظام المغربي. فمقابل متانة النظام الداخلية، الذي  أبان عن  مرونة، وقدرة على الأخذ بزمام المبادرة، في وقت كانت حركة 20 فبراير أسيرة هشاشتها التنظيمية والسياسية التي تجلت في عدم قدرتها على تدبير الخلافات الإيديولوجية بين مكوناتها، وفي الصراع على الزعامة، الشيء الذي ساهم في شل قدرتها على إنضاج مبادرة سياسية تدفع بها نحو الأمام.

افتقاد حركة 20 فبراير للرؤية والهدف وعجزها عن إنتاج نخب تتمتع بالمصداقية والبصيرة لقيادة الحراك، سهل على الدولة تشتيتها من الداخل. فلقد طفت على السطح خلافات إيديولوجية وسياسية عميقة بين التيارات المختلفة المكونة للحركة منذ نشأتها، وهذا ما شكل نقطة ضعفها الأساسية. فتأسيس حركة 20 فبراير نفسه تم بناء على أربع أرضيات تأسيسية مختلفة الأهداف والوسائل، تقدمت بها مجموعات شبابية مختلفة نجحت واحدة منها في لفت الأضواء بسبب الدعم الذي لقيته من طرف اليسار الراديكالي وبعض الجمعيات الحقوقية المعروفة بميولها اليسارية (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان)، وهو ما دفع بعض المؤسسين للانسحاب أو التواري للوراء.

فلقد أدى الانقسام بين تيار الإسلاميين وتيار اليسار إلى إصابة الحركة  في مقتل،بحيث أن كلا التيارين كانا يسعيان تلك الفترة إلى استثمار الفرصة السياسية التي أتاحها الربيع العربي لرفع سقف مطالبهما، والدعوة إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام، وقد مثل كلا التيارين  كل من حزب النهج الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان.

فرغم الاختلاف الجذري في مواقفهما الإديولوجية، فقد حصل تقارب موضوعي، نتيجة تلاقي مصالحهما في مواجهة “المخزن”.  لكن سرعان ما فرض الصراع الإيديولوجي نفسه، وعجل بخروج جماعة العدل والإحسان من الحركة.

بعد أقل من شهر من انطلاق تلك الإحتجاجات السياسية، قدم العاهل المغربي محمد السادس خارطة طريق أبرز معالمها في خطاب 9 مارس 2011. لتتسارع بعد ذلك مبادرات النظام، من خلال تسريع عملية المراجعة الدستورية، وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وفتح  الإعلام العمومي في وجه معارضي النظام، وإطلاق سراح مجموعة من مغتقلي الراي، والمرونة التي سادت تعامله الإحتجاجات القطاعية ، كل هذا وغيره  ساهم في نزع الفتيل، وبالتالي دق آخر إسفين في نعش حركة 20 فبراير.

خلاصة القول، في ذكراها السادسة تتباين ردود الفعل حول مستقبل الحركة في المغرب، فهناك من يرى أنها إستوفت دورها ورسالتها، ولم تعد هناك حاجة إليها، وهناك من يقول إنها ستنبعث من رمادها لأن الاهداف التي خرجت من أجلها لم تتحقق بعد. لكن الأكيد هو أن فشل الحركة يعود بالاساس إلى تخبطها وترددها وغياب الرؤية الواضحة لديها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى