رسالة إلى السيد دونالد ترامب

 

 

أقوى بواعثي على تحرير هذا الخطاب ألآن هو شعوري الصادر عن اعتقادي بأن حياة مليارات البشر غدت الآن عند مفترق الطرق، وشعوري هذا مقرون بتوجّس خطرٍ غير قليل، وبشكل ملحوظ بعد عام 2001، بوتيرة متصاعدة. فالمُشاهِد الواعي النبيه وبعيد النظر، يصل إلى قناعة أن غالبية شعوب هذا العقد المضطرب المسعور سائرة في سبل الحياة بأساليب لا تجعل الحياة على الأرض سعيدة للجميع.

 

فالسعادة لجميع البرايا هي مُنية البشرية القصوى، وهذه السعادة الشاملة لا تتحقق عندما يكثر في ميادين الحياة أناس لا يعتقدون بأن ” الإنسان سيّد نقسِهِ”، ليكون ” سيّد الأشياء ” ــ أي أن لا يترك الإنسان حِبال الأمور الحيوية المصيرية ليتصرّف بها أناس كما يشاؤون لإجتلاب الأضرار والإيذاء والتعاسة لعموم البشر، والمتاجرة بالحروب والأديان والإيديولوجيات والعقائد المذهبية والعنصرية، زاخرة بالظلام والتكفير المجرّدين من المعرفة النيّرة والتقافة الحضارية السليمة من الأوبئة الفكرية.

 

فشأن هذه الفئات من الخَلق هو التعادي والكراهية والإستعلاء على مُخالفيهم، والإحتراب والتخريب والإقساد، فهم أجناد الشر والجهل والتخلّف.فهل يلبق بإنسان اليوم أن يُغَرر به من أناس من هذا الطراز الضال والمضلّل والشرّير؟! أو أن يتغافل عن مساعيهم المُهلِكة للبشرية، ليقودوها إلى سوء المصير، وكل ذلك لتنفيذ إرادة ” المفسدين في الأرض”؟!

 
إن الأمل معقود عليك، يا سيادة الرئيس المنتخّب، فبعض أقوالك في أثتاء الحملة الإنتخابية ، وأثناء الإقتراع وبعده، يوحي بمقدار من الأمل في بزوغ عهد جديد في نهج الإدارة الأمريكية؛ وحصول تقدّم في هذا الإتجاه يعتمد عليك أولاً في ثلاثة عوامل: (1) مدى قوة صدق وثبات إرادتك الصالحة في تحسين أحوال العالم المتردّية، من خلال تحسين سياسة الدولة الأمريكية في تعاملها مع الشعوب، بعيدًا عن إستعمال السلاح واستخدام الإرهابيين في زعزعة وتفكيك أركان الدول. (2) إمتلاكك مقدارًا وافيًا من الحكمة والصبر والقدرة على إقناع فئات الشعب الأمريكي بصوابية نهجك. (3) إنهاء مظلوميّة الشعب الفلسطيني.، فإنهاؤها يقلل كثيرًا من حدّة العنف والتطرّف والإرهاب.

 
لذا يتطلّع العالم اليوم إلى ما ستقدّمه من تغيير يُنتج إختلافًا نوعيًا لمعالجة معضلات العالم التي ابتُليت بها البلدان وشعوبها، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط التي تَعقد الأمل عليك في مستقبل أفضل وأجدر بكرامة الإنسان.

 
تروم غالبية شعوب العالم أن تكون أمريكا دولة عُظمى لا في مجال السلاح والتكنولوجبا، بل عظمتها الحقيقية في تأدية رسالتها الإنسانية من خلال برامجها الثقافية والإقتصادية والعلمية، فهذه كلها تُسهم في إعادة بناء ما هدمته الحروب المتوالية ، وما دمّره الإرهاب اللعين من واجهات ورموز الحضارة، وإنجازات الإنسان في ميدان الإرتقاء فكريًا ومدنيًا وتعايشيًا، كما هي تُعيق مساعيه الشرّيرة للفتك والتخريب والتعادي بين الشعوب والأديان.

 
تتمنى البشرية في عهدك أن تكون أمريكا في طليعة الدول الفاعلة في منع أسباب حدوث المظالم، وفي إشاعة إرادة السلام والأمن والإستقرار، وإيجاد الوسائل لتطبيق هذه الإرادة من خلا ل مكافحة عوامل الجوع والمرض والتشرّد، وتطبيق شرعة حقوق الإنسان في كل المرافق والمؤسسات في الأقطار ودوائر المنظمة العالمية خصوصًا.

 
ما أسلفته أمنيات مواطن غيور على الأنسانية وخيرها، ويمثّل نيّات الطيبين من البشر؛ ومع يقيني بوجود كثيرين يُخالفونك ويقاومون أفكارك الطيبة، ومشاريعك المفيدة والمنقِذة من المساوئ والمهالك والتردّي، فأنا موقن أيضًا أن إرادة الخير لدى غالبية الأنام هي الأقوى والمنتصرة على مخالفبها ومقاوميها بوسيلة بزوغ الإرادة الصالحة لبلوغ ألأفضل، ويقظة الضمير بعد خَدَر يشبه الموت. أملنا وطيد أن التوفيق سيكون حليفك، وأن التاريخ سيسجّل مساعيك الحميدة بأحرف نيّرة، وأن الله سيبارك جهودك ، ويسدد خطاك نحو الخير الشامل.

زر الذهاب إلى الأعلى