هكذا غادر المغرب منطقة الكركارات مرفوع الرأس

المحرر العيون

 

قد يتساءل العديد من المتتبعين عن الاسباب التي جعلت المملكة المغربية تسحب عناصرها الدركية وراء الحدود، و كيف لها أن تقبل بهذا الانسحاب أمام جيش لا يمكن أن يشكل ولو جزءا بسيطا من قواتنا المسلحة التي قد تسحقه اذا ما تلقت التعليمات من الدوائر العليا، كما قد يعتبر العديد من المعلقين انسحاب المغرب رضوخا و تنازلا امام الضغوطات الممارسة عليه من قبل العديد من الجهات المتربصة بالصحراء المغربية.

 

الحقيقة هو أن المغرب اليوم،  ينهج سياسة جديدة تنبني بشكل أساسي على الديبلوماسية و السلام، و تعتمد على اجتياح القارة الافريقية بالسلام و نشر الامن الذي لا يمكن للمملكة أن تقبل على نفسها خرقه أو التسبب غي انعدامه، حتى و ان اضطرت للتنازل عن بعض المكتسبات و العمل على استعادتها مستقبلا بتأييذ الجميع.

 

و بالعودة الى كرونولوجيا الاحداث التي شهدتها منطقة الكركارات، سنكتشف أن المغرب قد قرر الانسحاب من منطقة الكركارات بعدما حقق جميع اهدافه فيها، و بعدما تمكن بذكاء خارق من الهاء الجزائر و البوليساريو فيها بينما كان يضع الحجر الاساس لعودته الى حضن الاتحاد الافريقي، خصوصا و أن الازمة التي ابتدأت بقرار مغربي و ستنتهي بعد قرار مغربي، الهت بشكل كبير الاعداء عن الانشطة الملكية، و جعلتهم يخططون للتصدي لتحركات مغربية استطاع المغرب ان يرسمها لهم على دخان طائر.

 

و ان انسحب المغرب اليوم من منطقة الكركارات، فان هذا القرار جاء بعدما استطاع تنفيذ جميع اهدافه و لم يعد لتواجده في هذه المنطقة أي معنى، خصوصا و أنه ظل خارجها منذ الاعلان عن ايقاف اطلاق النار سنة 1991، حيث ان ما كان يهدف اليه المغرب من خلال تواجده هناك هو تعبيد الطريق الرابطة بين النقطتين الحدوديتين المغربية و الموريتانية، و قد تم هذا الامر بنجاح و دون أن يسجل التاريخ أي تجاوز للقرارات الاممية كما هو الشأن بالنسبة للجبهة، التي راحت تمارس قطع الطريق على الشاحنات المدنية لأتفه الاسباب.

 

وعندما يعلن المغرب عن انسحابه من منطقة الكركارات، مباشرة بعد بلاغ الامين العام للامم المتحدة، فان في هذا القرار الكثير من الدلالات، و لعل أهمها هو احترامه للمنتظم الدولي، و جنحه للسلم عكس ما يروج له الخصوم، و كذلك تجاوبه الايجابي مع الامين العام الجديد، ما يؤكد على أن سبب المشكل  القائم بين المملكة و الامم المتحدة بخصوص مكونها السياسي في الصحراء، هو الامين العام السابق، الذي استفز مشاعر الشعب المغربي من خلال زيارته الى تيندوف التي أسالت الكثير من المداد.

 

مشاريع المملكة المغربية اليوم، أكبر بكثير من أن تضيع وقتها في منطقة عازلة، ولا مبرر لتواجدها فيها بعدما انجزت الطريق المذكورة بنجاح، وبعدما استطاعت بفضل حكمة الملك محمد السادس أن نضرب عصفورين بحجر واحد، الاول هو الهاء الخصوم حتى التمكن من العودة الى الاتحاد الاسمر، و الثاني هو اعطاء الدليل القاطع على أن سلوكات الامين العام للامم المتحدة السابق هي سبب سوء التفاهم الواقع بين المغرب و هذه المنظمة، خصوصا بعدما لم يتأخر الملك في اعطاء تعليمات بالانسحاب من الكركارات تفاعلا مع  بلاغ الامين العام الجديد.

زر الذهاب إلى الأعلى