تبدأ بـ”الرشم” وتنتهي بحمل الصخرة على الظهر.. طقوس الزفاف الأمازيغي بالمغرب

المحرر متابعة

تنفرد أعراس الأمازيغ بعادات وطقوس مختلفة باختلاف جغرافية المكان والانتماء القبلي، وهو ما يميزها عن غيرها من الأعراس، خاصة أن بعض الأمازيغ يؤمنون بقدرة بعض الطقوس على حماية وإسعاد العروسين وزيادة فرص الإنجاب.

ويعتبر حرصهم على ممارسة التقاليد والطقوس تجسيداً لهوية ثقافية ونظام اجتماعي مبني على التماسك، وهي الخصال المميزة لجل القبائل الأمازيغية، والتي تظهر بشكل واضح خلال الأعراس.

الرشم و الخطوبة
أول طقس في رحلة الزواج هو “الرشم”، أي عندما تختار الأم فتاة معينة وتراقبها إلى حين ثبوت أهليتها وفق “معايير محددة سلفاً”. والرشم عملية صعبة؛ إذ إن التنقيب عن العروس المناسبة يستغرق وقتاً طويلاً قد يصل لأشهر وربما لسنة، تتكفل فيها الأم بالاستشارة مع قريباتها وصديقاتها من القبيلة بهدف إيجاد العروس المثالية.

يوضح رئيس جمعية التراث بمنطقة “إحاحان”، شرف حمادو، في حديثه لـ”هافينغتون بوست”، أن السمعة الحسنة والدراية بأشغال البيت بما في ذلك الطبخ، إضافة إلى الجمال المتعارف عليه عند الأمازيغ كحسن الوجه وطول الشعر، هي الدليل القاطع على أن الفتاة تمتلك كل المقومات التي تؤهلها للارتباط.

تستمر فترة الخطوبة من شهرين إلى سنة تتبادل خلالها العائلتان الزيارات قصد تقوية العلاقات وتسمى “أكتي بالتفكيرة”؛ أي تجديد العهد والوعد بالزواج، قبل أن يحدد الطرفان موعد الزفاف.

ليلة الزفاف
تبدأ “تامغرا” أو ليلة الزفاف عند قبيلة اداوسارن (جنوب المغرب) مع بزوغ فجر اليوم الموعود. يقول محمد سمران، الناشط الجمعوي بمدينة أكادير، في حديثه، إن أب العروس يبدأ بإخبار ما يسمى “أبراح نالقبيلت”، وهو الشخص الذي يتكفل بالتجول في أزقة القرية والصياح معلناً زواج فلان بفلانة، بينما تتجه النساء إلى بيت العروس للمساعدة في تجهيزها وتهيئة المكان لاستقبال الضيوف.

ويضيف سمران: “تُوكل مهمة ذبح الأضاحي للرجال، وكذلك طبخ اللحم مع الفواكه الجافة في قِدر كبيرة تسمى (تارفاكت)، قبل أن يجتمع الضيوف على مائدة الغداء”. وأشار إلى عُرْف القبيلة بعدم حضور العريس هذه المراسم؛ بل انتظار وصول موكب العروس في بيته.

ليلة الدخلة
ولهذه الليلة طقوساً خاصة، حيث تدخل في البداية الفتاة إلى الغرفة ومعها “وزيرتها” (أي مرافقتها طيلة أيام الزفاف وتكون إما صديقة مقربة وإما إحدى قريباتها) وإحدى النسوة من أفراد عائلتها وقريبات العريس.

تبقى السيدات معها قليلاً -يلقنّها طريقة التعامل مع الزوج في هذه الليلة الخاصة- ثم يتركنْها. وخلال هذه اللحظة، يكون العريس مع “وزيره” -أي مرافقه طيلة أيام الزفاف- منزوييْن في منطقة خارج المنزل.

وبمجرد خروج مرافِقات العروس، يتسرب العريس خلسة إلى الغرفة تاركاً وراءه وزيره وأمه وبعض النسوة المنتظرات لـ”النتيجة” أو ما يصطلح عليه “الصّبُوح”.

ويضيف الكاتب في بحثه، أنه بعد إنهاء العريس لـ”واجبه” يخرج بصمت بعد التنسيق مع “الوزير”، يتوجه للاغتسال، وما إن تحس النسوة بخروجه حتى يتهافتن على العروس لرؤية دم البكارة فتتعالى الزغاريد، ويعبر الأمر عن فرح الأسرة بابنتها التي تمكنت من “الحفاظ على شرفها”، والأمر نفسه من قِبل والدي العريس لأن ابنهما أصبح “رجلاً فحلاً”، والفحولة هنا هي القدرة على تحمل المسؤولية.

عادات فريدة: يوم الساقية:
تقليد آخر تعتمده قبائل أحاحان يقضي باتجاه النساء من أهل العروس بعد مرور أسبوع على الزواج إلى بيتها الجديد للاحتفال بما يسمونه “اس نتركا” أو “يوم الساقية”. تذهب العروس معهن إلى البئر على أنغام أشعار غنائية أمازيغية خاصة، وهناك يملأن إناء بماء البئر ويضعنْه وسط صخرة، ثم تضع العروس رجلها اليمنى فوق تلك الصخرة، ويجتمع الأطفال حولها فتقدم لهم الماء من يديها.

وبعد ذلك، تحمل العروس الصخرة فوق ظهرها عائدة بها إلى بيت زوجها، لتضعها تحت سريرها، ولا تخرجها من البيت إلا بعد ولادتها الأولى، وهو طقس يستمدون منه “البركة” لحدوث الحمل.

زر الذهاب إلى الأعلى