الجولة الافريقية لجلالة الملك: تمسك بعودة المغرب الى حضنه الافريقي و اصرار على مجابهة الاعداء

المحرر الرباط

 

يبدو أن الملك محمد السادس قد قطع الشك باليقين، بخصوص اصراره على أن يعود المغرب الى حضنه الافريقي، و على أن يجعل انطلاقة مسيرته التنموية من قلب القارة السمراء، في وقت ظل جلالته يؤكد على أن قارتنا تتوفر على امكانيات ذاتية من شأنها ان تساهم في تطور شعوبها، و في تقدمهم دون الحاجة الى مساعدة القوى التي ظلت تسيطر على المنطقة تحت ذريعة الاستثمار و المساهمة في تحريك العجلة التنموية بقارتنا، ما ساهم بشكل أو باخر في العديد من السلبيات التي يسعى الملك محمد السادس الى تجاوزها، من خلال جعل القارة السمراء تطور نفسها بنفسها بالاعتماد على امكانياتها الذاتية.

 

الجولة التي سيقوم بها الملك في غضون الساعات القادمة، تؤكد على أن قرار هذا الاخير، بخصوص انفتاح المملكة على محيطها القاري، يشكل مسالة مصيرية بالنسبة للدولة، و يعتبر مبدأ يعول عليه المغاربة ملكا و شعبا، سيسجله التاريخ كنقطة تحول غير مسبوقة، تقع في عهد الملك محمد السادس الذي اختار و منذ اعتلائه العرش العلوي، أن ينطلق في مشاريعه التنموية من المملكة في اتجاه القارة الافريقية، بعيدا عن التبعية التي تعيشها عدد من الدول عقب استقلالها.

 

اتفاقيات سياسية و مشاريع اقتصادية بالاضافة الى معاهدات لتبادل الخبرات في المجالين الديني و الامني، تم تحقيقها منذ أول جولة افريقية يقوم بها الملك، في انتظار المزيد من الانجازات التي سيتم الكشف عنها خلال الزيارة المقبلة، تعكس حسن نية المملكة و مدى جديتها في قراراتها السيادية القاضية بالعودة الى الاصل، كما توضح اعتزاز الملك محمد السادس بانتمائه الافريقي، و غيرته على هذه القارة التي يعتبره فيها ملايين المواطنين المسلمين أميرا للمؤمنين، و لعل مظاهر الاستقبال التي خصته بها  شعوب الدول التي سبق و أن زارها، أكبر دليل على المكانة التي يحظى بها ملكنا لدى الافارقة.

 

جولات الملك محمد السادس، بما فيها الجولة التي سيجريها بعد ساعات، لا تدخل في مصلحة القارة الافريقية فحسب، و انما تشكل امتيازا لعدد من الدول الاروبية، خصوصا تلك المستهدفة من طرف الارهاب و التطرف، حيث أن الاتفاقيات التي تمت المصادقة عليها في مجال التعاون الامني، ستعزز من خبرة الاجهزة الامنية المستفيدة منها، و بالتالي التصدي بشكل متمرس لتسلل الارهابيين من منطقة الساحل في اتجاه البحر الابيض المتوسط، خصوصا و ان المخابرات المغربية، أصبحت تلعب دور الريادة في هذا المجال، و من شأنها أن تعزز من قوة الاجهزة المتعاونة معها في اطار اتفاقيات تبادل الخبرات.

 

و بما أن الاصل، يشكل بالنسبة لجلالة الملك، مبدأ لا يمكن التنازل عنه، فان الاتفاقيات الموقعة مع عدد من الدول الافريقية على مستوى تكوين الائمة، و اصلاح مناهج التربية الاسلامية، سيحول بشكل كبير، دون أن يتمكن المتطرفون من الوصول الى اذمغة الأفارقة و غسلها بما يتوافق و اجندات التطرف، اذ يلاحظ أن جلالة الملك، و من خلال هذه النقطة، قد حاول أن يقطع الحية من راسها، و يساهم في بناء اجيال واعية، و في تربيتها على تعاليم الدين الحنيف، المنبنية على ثقافة التسامح و التعايش، من خلال تشييد معهد لتكوين الائمة و تأهليهم لمستوى مجابهة التطرف و الارهاب.

 

من جهة اخرى، فان اهم ما يمكن ان يتخلل الجولات الملكية للقارة السمراء، هو التواجد المغربي في الدول الافريقية، و القطع مع سياسة الكرسي الشاغر التي فتحت الباب لخصوم وحدتنا الترابية، من أجل تمرير خطاباتهم و خدمة أجنداتهم بكل اريحية، خصوصا في ظل غياب أي عامل من شانه أن يضحد اعداءاتهم، و هو ما سيحد بشكل كبير من تغلغل الكيان الوهمي داخل الشعوب الافريقية بصفة اولى، و سيوضح الامور و حقيقة النزاع حول الصحراء للرأي العام الافريقي بعدما كانت المخابرات الجزائرية تتحكم فيه كما تشاء في السابق، ما أهلها لكسب تعاطف مزيف لعدد من الدول التي تشير المعطيات ان الرؤية قد اتضحت لها بخصوص هذا النزاع الذي عمر طويلا.

 

و عودة المغرب الى الاتحاد الاسمر، حيث يتواجد مكانه الطبيعي و البيولوجي، بعيدا عن المزايدات السياسية الفارغة، و الاتهامات التي لا تستند على اية براهين، ستضع جبهة البوليساريو و معها مخابرات الشقيقة الجزائر، و لاول مرة في التاريخ، في موقف حرج، حيث من المنتظر أن يتم توقيف ممثليهما و لأول مرة أثناء تمرير المغالطات، و سيتم وضع النقاط على الحروف، في اطار ديبلوماسية مغربية افريقية، منبنية على احترام المشاكل الداخلية للدول و لحدودها، و الدفاع المستميت على حدود المملكة المغربية الشريفة من طنجة الى لكويرة، تحت قيادة علوية شريفة يجتمع و يلتف حولها أزيد من اربعين مليون مغربي، و ملايين أخرى تبايع الملك محمد السادس كامير للمؤمنين.

زر الذهاب إلى الأعلى