الأشخاص المسنين في المغرب أي مقاربة ؟؟

عبد السلام أقصو

 

يعرف الهرم السكاني بالمغرب ، تقلصا  من حيث القاعدة بما يعني ارتفاع نسبة الشيخوخة بالمغرب ،  والتي تؤثر فيها مجموعة من العوامل السوسيو ثقافية و السوسيو اقتصادية ، والتي تجعل من مؤسسات الرعاية الاجتماعية الخاصة بالأشخاص المسنين ضرورة ملحة ، رغم ما أنجزته منظمات دولية من تقارير، والتي تقر بضرورة دعم الدولة للتماسك الأسري كمبدأ أساسي في حماية الأشخاص المسنين باعتبار الأسرة المكان الطبيعي لهؤلاء الأشخاص.

لقد أشارت المندوبية السامية للتخطيط إلى الارتفاع الذي يمثل نسبة 9.6%  من سكان المغرب هم أشخاص مسنين و المتراوحة أعمارهم ما فوق السين سنة ، 31 % منهم لا يستفيدون من التغطية الصحية ، و 66 % مصابين بأمراض مزمنة .

هي إذن لغة الأرقام التي توضح الحالة الاجتماعية للأشخاص المسنين بالمغرب ، والتي ترافقها أيضا الصعوبات الاقتصادية للأسر المحتضنة لهذه الفئة خصوصا ارتفاع نسبة البطالة بالمغرب والعسر المعيشي للأسر ، وأيضا غياب التغطية الصحية و العلاجية والتي تجعل من هذه الفئة تعاني مضاعفات خطيرة و أكثر عرضة للمرض .

لقد بدأت ظاهر التخلي عن الطابع الأسري تسود المجتمع المغربي ، و تؤكد بالملموس رفض بعض الأسر للأشخاص المسنين ، خصوصا عند الأزواج حديثي الحياة الزوجية ، والتي غالبا ما ترفض العروس أسرة الزوج  (يا أنا يا امك) ، كما تتداخل حالات اجتماعية أخرى وهو ما أكده أحد المسنين ، والذي قال على انه يرفض أن ينظر إليه بعين الازدراء والتحقير من طرف زوجة الابن و الابن نفسه (…) مفضلا الالتحاق بدور المسنين .

حالات أخرى نصادفها هي عدم قدرة الأسر على تحمل الأم المسنة ، بضغط الزوجة من جهة و بالضغط الاقتصادي من جهة ثانية ، اضطر معها أحد الأشخاص إلى إحالة أمه على دار المسنين ، مقدما نفسه على أنه أحد الجيران و يبتغي وجه الله ، في مساعدة الأم و بالتالي إحالتها على إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للتكفل بها (…) ، أو ليست تلك التي تريد إحالتها على المؤسسة هي نفسها التي أوصى عليه رسول الله مؤكدا بالثلاث قائلا (أمك ثم أمك ثم أمك ) ، أوليست تلك التي تريد إحالتها على دار المسنين ، من جاء في حقه قوله سبحانة «وبالوالدين إحسانا » النساء ، (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) الإسراء.

هو إذن الواقع الذي يلخص حالة المسنين بالمغرب ، ويعطي ضرورة لتدخل الدولة في تدبير القطاع و التكفل الاجتماعي بهذه الفئة التي تعد أكثر عرضة للأمراض ، وكما سبق و ذكرنا مصابة بأمراض مزمنة ، إن الخطأ الذي يعيق تدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، هو رغبتها في رفع اليد عن القطاع الاجتماعي ، وبالتالي دخول الفاعل المدني فيه وهو ما يلخصه جملة و تفصيلا قانون 14.05 المتعلق بفتح مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، بحيث أن الفاعل المدني بغياب الدعم المادي الحقيقي يصير فقط «مهرجا» على حساب الفئات التي يرعاها ، إن مؤسسات الرعاية الاجتماعية اليوم لا تحترم بنود الاتفاق و معايير المنصوص عليها في القانون سالف الذكر وكذا احترام دفتر التحملات المخصص لكل مؤسسة على حدة ، ولا غرابة إذن أن نسمع شكوى الأشخاص المسنين ، بل ورفضهم ولوج المؤسسات رغم الأهلية و الاستحقاق ، لما يسمعون من ممارسات لا أخلاقية تمارس في حق هذه الشريحة الاجتماعية ، بالإضافة إلى الإهمال و الذي يعلل غالبا بنقص الموارد البشرية و نقص الموارد المالية لأداء المستحقات المالية للمستخدمين ، و لوضع حد لهذه الحالة جاءت المادة 17 من قانون 14.05 ، بنظرية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، حيث نصت صراحة عندما تواجه إحدى المؤسسات صعوبات من شأنها إستمرارية أنشطتها للخطر ، كيفما كان سببها ، يجب  على المدير أو لجنة التدبير أن يصرحا بذلك فور لدى الإداراة التي يتعين عليها اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية ، مراعاة مصلحة المستفيدين من خدمات المؤسسة ، سواء لتسوية الوضعية أو لوضع المستفيدين من خدمات المؤسسة المذكورة في مؤسسات مماثلة .

كما أن تفعيل المادة 15 من نفس القانون ، غائبا في العديد من الأقاليم ، ومن ضمنه إقليمنا العزيز ، المادة 15 التي تنص على وجوب تشكيل لجنة يرأسها العامل لجنة لمراقبة مؤسسات الرعاية الاجتماعية (…) ، اللجنة التي من اختصاصاتها مراقبة سير مؤسسات الرعاية الإجتماعية على الأقل مرتين في السنة (…).

إن وضعية المسنين بالمغرب ، وضعية يحسد عليها الوطن ، خصوصا عندما تكرم السيد رئيس الحكومة برفع سن التقاعد ، وصارت الخدمات العلاجية الرديئة بالمستشفيات العمومية لغير حاملي بطائق الائتمان أقصد التغطية الصحية  مؤدى عنها ، وعليه لن أكون خير من يوصي على المسنين ، الله و رسوله (…) والسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى